عندما يصرح الرئيس السيسى فى مؤتمر صحفى عالمى بأن هناك محاولات لعزل مصر، فهذا معناه أن الحرب القذرة ضد مؤسسات هذا البلد قد أصبحت على المكشوف، وأن ردود الفعل المصرية لابد وأن تظهر وتتضح للعالم كله. فالمخطط الذى بدأ من لندن عاصمة الإرهاب كان يقتضى ترويج أسوأ دعاية عن مستويات الأمن فى مصر بعد حادث الطائرة الروسية مباشرة، والتركيز على صناعة الطيران والسياحة، مع إصدار الدول الكبرى تحذيرات لمواطنيها بعدم السفر للقاهرة، على أن يعقب ذلك توقف خطوط الطيران التابعة لها عن العمل بالمطارات المصرية واستقبال الطائرات المصرية الوطنية، وهو ما يعنى فرض حصار شبه شامل على القاهرة وتكبيدها خسائر اقتصادية حتى تركع وتستجيب للمشروع الصهيوأمريكى، ومطالب عرابه الجديد فى 10 داوننج ستريت بلندن. تصريح السيسى فى مؤتمر صحفى مع الرئيس الفرنسى هولاند ليس فقط معناه مواجهة فلول الاستعمار البريطانى - الغربى، وإنما يشير إلى قدرتنا كدولة على إفساد هذا المخطط وكسره، فها هى فرنسا ثانى أكبر دولة أوروبية تصنيعا وتسليحا تعقد معنا تسع عشرة اتفاقية فى مجالات تنموية وصناعية متعددة، ورئيسها هولاند الذى اصطحب وفدا رفيعا من المستثمرين ورجال الأعمال يعلن رغبة بلاده فى الاستثمار بقوة فى منطقة قناة السويس، وفى نفس الوقت كان وفد رجال الأعمال والمستثمرين الألمان برئاسة نائب المستشارة الألمانية ميركل يعقد لقاءات ناجحة مع نظرائه فى القاهرة، لبحث مجالات الاستثمار للشركات الألمانية، وفى اليوم نفسه كان وفدا رفيع المستوى برئاسة ميركو تشاروفيتش نائب رئيس الوزراء البوسنى للتجارة والاستثمار والسياحة وصل القاهرة ولحق به وفد من رجال الأعمال البوسنيين لينضموا لنائب رئيس الوزراء فى مباحثاته الاقتصادية مع نظرائه المصريين.
كأن السيسى كان يرد على مخططات أوباما - كاميرون، باتفاقيات تعاون مع ثلاث دول أوروبية مهمة بينهما ألمانيا وفرنسا، وفى التوقيت نفسه تقريبا أصدر مسؤولو شركة إينى الإيطالية تصريحا شديد الدلالة يؤكدون فيه استمرارهم فى العمل بوتيرة سريعة فى حقل الغاز المصرى العملاق «ظهر»، على أن يبدأ إنتاجه فى عام 2017 ، وهو تصريح صفعة لكل الأطراف التى تكالبت لإفساد العلاقات الاقتصادية المتنامية بقوة مع إيطاليا.
إذن، مع توافر الإرادة السياسية وإخلاص النوايا للمصالح الوطنية العليا، والتفاف الشعب حول قيادته، يمكن لهذا البلد أن يعبر كل أزماته وأن يحقق ما يبدو مستحيلا الآن وهو النقلة الاقتصادية من العجز إلى الوفرة مع قدرة تستطيع حماية البلاد من أى اعتداء مباشر أو غير مباشر، ولنا فى التجربة الإيرانية الحديثة المثل الأوضح على ذلك، فقد استطاعت طهران المستنزفة من حربها الطويلة الموجهة مع العراق أن تواجه كل أشكال الحصار والاحتواء من قبل واشنطن والغرب، جمدوا أرصدتها فى الخارج ومنعوا عنها الطيران والسائحين ووضعوها على لائحة الإرهاب ووقعوا عليها عقوبات اقتصادية رهيبة، ورغم ذلك استطاعت الإدارة السياسية هناك أن تعظم الإنتاج والإبداع فى كل المجالات، من التصنيع العسكرى وحتى السينما، وأن تكسر الحصار بفتح أسواق جديدة فى آسيا والشرق، وأن تدشن مشروعها النووى رغم كل التحديات لتناور به واشنطن والغرب، وبدل أن يركعها العم سام ركعته طهران وفرضت شروطها عليه.
نحن لسنا أقل من إيران لنحقق استقلالنا ونحمى إرادتنا، وإن كان لنا ميزة عنها فلسنا دعاة تشيع ولا نسعى لتصدير ثورتنا للخارج بالقوة ولانتورط فى التضحية بجنودنا بمغامرات خارجية أو الإنفاق ببذخ على الميليشيات التابعة فى الدول الأخرى، بمعنى آخر، نستطيع أن نهتدى بالجانب المضىء فى التجربة الإيرانية لنحقق تجربتنا النهضوية المصرية الحديثة ونقهر كل أشكال الاستعمار الجديد الذى يهدف إلى عرقلة تقدمنا وإجهاض مشروعنا الوطنى.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
علي عبد الحليم
مــــــا بــــيــن الــســــــــيــــــسي والــــــــــــــســـادات